الاعمدةخارج النص- يوسف عبدالمنان

مصر والسودان وحروب الوكالة

أمس غطى الظلام الدامس حارة الصحافيين بأم درمان منذ مغيب الشمس ولم تقدم شركة توزيع الكهرباء تفسيراً لما يحدث هل انقطاع التيار بسبب الإضراب المعلن لإسقاط الحكومة ام هي قطوعات روتينية في مثل هذا الوقت من كل عام بسبب تراكم الطمي في توربينات خزان سنار والرصيرص ومروي؛؟
وانقطاع الكهرباء يتيح لسكان المدن التأمل في الليل إذا عسعس وإذا النجوم كورت والتأمل في خلق الله وقدرته عبادة لمن يتأمل على بصيرة
وفجأة مرت أمامي بشارع جسر الحلفاية رتل من السيارات الفارهة من الشاحنات المصرية التي تجلب البضائع وهي شاحنات حديثة ومغطاة عبارة عن ثلاجات تزكرك بالشاحنات الروسية التي تجلب القمح والطعام لأوروبا ليس مثل شاحنات السودان العارية من الاغطية الا في فصل الخريف حيث تغطي بالمشمعات المتسخة والتي ينام عليها العتالة والسواقين بالسوق الشعبي
ظننت بادي الأمر أن رتل السيارات المصرية تجاري ولكن وجدت لافته أنيقة وجميلة ليد يزينها العلم المصري ممدودة ليد أخرى يزينها العلم السوداني وتحتها عبارة من الشعب المصري إلى الشقيق الشعب السوداني ومن العنوان يكفي دلالة الهدية التي قدمتها مصر لمنكوبي السيول والفيضانات في السودان حيث أصبحت الدولة العربية من السعودية وقطر والكويت والإمارات ومصر تقتطع سنويا من رغيف شعوبها وفائض قوتها لتطعم السودان الذي يتعرض سنويا للسيول والفيضانات كأنه البلد الوحيد الذي تهطل فيه الأمطار
ويستقبل أهل السودان الهبات والاغاثات بفرح غامر ونشوة وأحيانا تذهب الاغاثات لجيوب القطط السمان والضعيفة
وإذا كانت الدول العربية تقدم عونها للسودان ولكنها تتدخل في شأنه الداخلي وقد تنامي نفوذ الإمارات العربية المتحدة والسعودية حتى بات السفير السعودي يتدخل في أي شان سوداني وأصبحت سفارات الرياض وأبوظبي مقرا لاجتماعات القوى السياسية وسوقا لشراء الذمم والنخاسة السياسية
فإن مصر الشقيق الأقرب نأت بنفسها عن الشأن السوداني في الفترات الأخيرة واحترم السفير المصري بالخرطوم نفسه وترك الساحة لعرب الخليج يعبثون بها بلا خبرة ولا معرفة بالشعب السوداني.
ومصر التي تفتح أبوابها لأهل السودان بلا شروط وتفتح مدارسها وجامعاتها وتقتطع من قوت شعبها ليشاركها أخواتها من جنوب الوادي الخبز والكشري تحتضن مصر أكثر خمسة ملايين سوداني و٢٢ الف طالب وطالبة وتعبر يوميا أكثر من خمسين بصا من السودان لمصر وعشرة طائرات ويمتلك السودانيين آلاف الشقق ويعملون في كل المهن فأصبحت مصر مأوى للمطرودين سياسيا ومن ضاقت بهم أرض المليون ميل اتسعت لهم أرض الخمسمائة الف ميل مربع
ورغم كل ماتقدمه مصر لشعب السودان يقابل الفضل بالإساءة لمصر من قبل القحاته السودانيين وهم يبحثون عن مشاجب يعقلون عليها فشلهم في إدارة الدولة.
يدعي البعض بأن مصر تنهب خيرات السودان من اللحوم والفول والسمسم وهي فرية مردود عليها، فالسودان هو الذي يصدر الماشية حية والمحاصيل الزراعية خاماً ويرمي بفشله في ثياب مصر الشقيقة التي ماتخلت عن السودان يوما في المواعيد الجسام كما قال الشاعر سيف الدين الدسوقي رحمه الله عليه.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية