تغييرات الولاة (2)
{ إذا كانت موازنات السلطة السياسية والإثنية قد اختزلت القوى السياسية في الحقبة الماضية من عمر الشراكة – المنتمية لحرب داحس جديدة في جنوب كردفان – في حزبي المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، فإن معادلات التمثيل الإثني قد اختزلت في ذات الفترة في المسيرية والنوبة، وتم إقصاء بقية المكونات السياسية والقبلية، فأصبح النوبة يمثلون الحركة الشعبية والمسيرية يمثلون المؤتمر الوطني.. وسعى مولانا “أحمد هارون” لتصحيح اختلال السلطة بإشراك أحزاب معارضة في حكومته بعد خروج الحركة الشعبية، ونجح في ذلك نسبياً، رغم أن المرارات مركزياً استعصت عليه لإشراك أحزاب الأمة القومي والشعبي وترشيح شخصية مثل د. “علي محمد موسى تاور” لمنصب الوالي خلفاً لهارون، ليصبح الخيار بينه و”مركزو” فقط حسبما يجري على ألسنة الرواة ممن يدعون وصلاً بمراكز صناعة القرار.. يمثل اختيار د. “علي محمد موسى” أول تمثيل للحوازمة ثاني أكبر مجموعة سكانية في الجبال بعد النوبة في السلطة، حيث استعصى عليهم بلوغ منصب الوالي منذ 1994 وقبلها منصب المحافظ منذ 1956 وحتى اليوم، رغم وسطيتهم وتماهي الحوازمة في قبول الآخر لدرجة صعوبة التمييز بينهم والنوبة ثقافياً واجتماعياً بسبب التصاهر والمثاقفة والمرونة في المواقف.. وصعد د. “علي محمد موسى” من موظف في الوكالة الإسلامية الأفريقية تم استدعاؤه مثل المئات من شباب الإسلاميين من خارج السودان ليبلغ مرتبة وزير دولة بوزارة (هامشية) السياحة والحياة البرية.. بيد أنه بسط وجوده في الساحة مؤخراً وأثبت فاعلية حينما عصفت بالولاية ليصبح خياراً، والآن يدرس المركز إمكان الدفع به خليفة لهارون في مقعد الوالي.
{ ولا تنتهي الترشيحات عند القمرين (النيرين) سيدي شباب المؤتمر الوطني “مركزو” و”تاور”، بل تمتد شرقاً للمهندس “آدم الفكي محمد الطيب” معتمد كالوقي، وهو من قدامى الإسلاميين ويمثل تعيينه في منصب الوالي تلبية لأشواق المنطقة الشرقية التي ظلت تطالب بقيام ولاية تعيد لمملكة تقلي شيئاً من حقوقها التي سلبت، حتى باتت تقلي كمملكة التنجر والداجو أو الغريات وسوبا والمسبعات، اللائي اندثرت وأصبحن تاريخاً يروى لا أثر له على الحاضر إلا معنوياً.. ومن الشباب يسعى تيار عريض لدعم ترشيح “الطيب حسن بدوي” وزير الرياضة بولاية الخرطوم الذي حقق نجاحاً كبيراً.. وبات يلعب أدواراً كبيرة لتقريب المسافة بين النوبة والمؤتمر الوطني، ويجد “الطيب حسن بدوي” مساندة من شخصيات نافذة في الحزب الحاكم والسلطة.
{ لكن السؤال الذي لا يجد له المراقب تفسيراً: كيف يغفل صناع القرار وجود شخصية سياسية معتدلة المزاج تختزن في جعبتها خبرات لا تتوفر لكل الأسماء التي يتم تداولها؟! ألا وهي “سلمان سليمان الصافي” الذي حمل للإنقاذ وجه (القباحة) وصفى غرب كردفان ووضع كل خبراته السياسية في خدمتها كمحافظ ووزير ولائي ووزير دولة ووالٍ (مؤقت)، فكيف لا يفكر صناع القرار في الاستفادة من خبرات “سلمان الصافي” ووسطيته كوجه مقبول عند جميعه مكونات الولاية؟!
{ جنوب كردفان مقبلة على حقبة صعبة جداً في الخريف القادم إذا خرج “هارون” في مقبل الأيام ولم تفلح المفاوضات مع قطاع الشمال في الوصول ولو لوقف إطلاق نار مؤقت لأغراض إنسانية أو دائم بموجب تسوية لقضية أخذت في (التدويل) كل يوم والتعقيد كل ساعة.