شهادتي لله

و رحل “علي السيِّد” .. صوت الإتحاديين و محاميهم

غادر الفانية قبل أيام السياسي الحكيم و المحامي الخبير الدكتور “علي أحمد السيِّد” ، فباغت خبر رحيله الحزين المفاجئ قيادات وقواعد حزب الوسط الكبير (الاتحادي الديمقراطي الأصل) ، فنزل عليهم كالصاعقة ، هز كيانهم السياسي ، و زلزّل نفوسهم ، و زاد جروحهم جرحاً جديداً .

كان “علي السيِّد” المحامي أحد أبرز رموز الحزب الاتحادي الديمقراطي ، و أصلب أعمدته ، و متحدثيه بلسان حاذق و عارف بتعقيدات الوضع السياسي في السودان .
تميز الراحل الكبير بعلاقات جيدة و واسعة مع الصحفيين بمختلف مدارسهم و مشاربهم الفكرية ، ما جعله أحد أهم مصادر الصحافة في التعليق على الأحداث الجارية في بلادنا ، بينما ظل قادة الحزب و أحزاب أخرى يبتعدون عن الإعلام ، فشكّل “علي السيِّد” وجوداً مستمراً في المنابر ، و جعل للاتحاديين صوتاً و صورة و ممثلاً جديراً بالاحترام في الكثير من المحافل و المجامع و الملتقيات .
تمتع “السيِّد” بصفات نادرة قل ما تجدها في النخبة السياسية في السودان ، أهمها الصدق و الوضوح ، فكان صريحاً مباشراً ، لا يعرف التلون و المداهنة ، ما أكسبه احترام الكثيرين داخل حزبه و خارجه .
جمعتني بالراحل علاقة طيبة ، ملؤها المحبة و التقدير المتبادل ، فكان – رحمه الله و تقبله في جنات الخلد – مشاركاً في العديد من احتفالات صحيفتنا (المجهر السياسي) بعيدها السنوي ، و عندما تحول ظروفه عن الحضور في ليلة المناسبة ، يحرص على زيارتنا بمقر الصحيفة مهنئاً و مباركاً تسبقه أكاليل الزهور و علب الحلوى ، و نياته السليمة ، و قلبه الأبيض الكبير يزف لنا أمنياته الصادقة بالتوفيق و السداد .
فقدنا رجلاً فاعلاً و ديناميكياً ، متوازناً و مرناً ، ظل يدعو للوفاق و المصالحة الوطنية و تجاوز الغبائن بعد ثورة ديسمبر ، رغم قربه من قوى (اليسار) و عمله القديم المشترك مع كبارهم في سكرتارية تجمع المعارضة بالداخل في أوج سطوة (الإنقاذ) خلال تسعينيات القرن الماضي .
و رغم تعرضه للسجون و المضايقات لسنوات ، إلاّ أنه احتفظ بتوازنه النفسي و السياسي و لم يخض مع الخائضين في موجة الغل و الكراهية و التصفيات لخصومه السياسيين الذين عندما كانوا حاكمين ، لم يكن أحدٌ يعرف معارضين شرسين للنظام السابق غير “علي السيِّد” وثلة من المبدئيين .
رحم الله الدكتور “علي السيِّد” رجل المنابر و المحاكم و المرافعات ، و تقبله مع النبيين والصديقين والصالحين .
و (إنا لله و إنا إليه راجعون) .

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية